المسجد الأقصى: معرض رقمي شامل
عند وقوفه أمام أحد أبواب المسجد الأقصى، يتراءى للزائر في مدينة القدس أحد أبرز معالم العمارة الإسلاميّة، يتضمن هذا المشهد رونق المباني المسقوفة، الساحات وسُبل المياه التي تعود إلى الفترات الإسلامية المختلفة؛ الفترة المبكرة والوسيطة والمتأخرة، كما يمكن للناظر أن يستشعر هيمنة بناء مسجد قبة الصخرة على المشهد العمراني لمدينة القدس.
لا يكتمل الحديث عن المسجد الأقصى دون التطرق إلى حادثة الإسراء والمعراج والتي بحسب سورة الإسراء في القرآن الكريم عرج النّبيّ محمّد نحو السماء ليعود إلى الأرض متلقّيًا فرض الصلوات الخمس على المسلمين. كانت هذه القصّة على مر التاريخ حجر الأساس لقدسيّة المكان وأهميته لدى مسلمي العالم، ولفترات طويلة كانت زيارة القدس محطّة لحجّاج مكّة والمدينة القادمين من أصقاع بعيدة. ولأجل ذلك، اهتمت السّلالات الحاكمة في التّاريخ الإسلامي بالحفاظ على المسجد والابتكار المعماري في مبانيه.
بدايةً، تعود مصليات المسجد الأقصى الأساسية في بنائها المعماري الأول إلى الفترة الأموية، وتحديداً فترة الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك، إذ قاما ببناء مصلى قبة الصخرة ومن ثم المصلى القبلي بين عاميّ 691 و714 للميلاد. بعد ذلك، تعاقب عبر الزمن باقي الحكام كالعباسيين الذي أعادوا بناء المسجد بعد تعرضه لدمار جسيم بفعل الزلزال الكبير الذي ضرب المدينة في القرن الثامن الميلادي، كما الفاطميون الذين جددوا وأضافوا للمصلى القبلي قبة تتزيّن في وسطه، ووضعوا نقوشاً بالخط الكوفي (تجدونها في المعارض أدناه)، وخلال الفترة المملوكية والعثمانية، توالت الإصلاحات والترميمات حيث على سبيل المثال رمّم العثمانيون قبة المصلى القبلي.
لمبنى قبّة الصّخرة على وجه التّحديد أهميّة بالغة لدى دارسي الفنّ والعمارة الإسلاميّة، إذ بالإضافة إلى خصوصيّة تصميمه الهندسيّ المثمّن، تحمل زخرفاته الدّاخليّة والخارجيّة دلالات على أولى محاولات الابتكار الفنّي في الحضارة الإسلاميّة، والّذي اعتمد على جمع عوامل فنّية ساسانيّة وبيزنطيّة وعلى جماليّة الخطّ العربي والأشكال الهندسيّة.
اليوم، نرى انعكاس أهمية المسجد الأقصى المبارك في الجهد العلمي والبحثي والصور والخرائط التي تعود إلى أزمنة وفترات مختلفة جل اهتمامها كان دراسة مفصّلة للهندسة المعمارية والتاريخ المفصل للمباني والساحات الموجودة فيه ورمزيّة نقوشه ورسومه. ويمكن رؤية هذا الانعكاس في مجموعات المكتبة الوطنية، إذ تحتوي المكتبة على مئات الصور المتاحة رقميًّا، والتي تعود إلى القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حيث الٌتقطت على يد العديد من المصورين مثل: المصور فيليكس بونفيلس والمصور زئيف ألكساندروفيتش والمصور دان هداني. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي أيضاً على مجموعات من الخرائط والأخبار الصُحفية والبطاقات البريدية المتنوعة والنادرة والتي ستجدونها في المعارض التالية.